دوائر الحوار
موضوعات المناقشة

General AboBakr ElGendy
19/10/2015 02:02:02 م
الإحصاءات الرسمية وثورة البيانات

لا شك مِن أن الإحصاءات الرسمية "Official Statistics" على المستوى العالمي تشهد حاليًا طفرة ملحوظة تُصاحب تلك الثورة المرادفةِ لها فـي البيانات "Data Revolution". وقد نشأت ثورة البيانات مِن واقع ضرورة إيجاد مصادر متنوعة ومُختلفة تُمَكِن الأجهزة الإحصائية مِن مواجهة هذا الغزو القادم مِن البيانات غير التقليدية، كتلك الخاصة بوسائل التواصل الاجتماعي بصفة خاصة والإنترنت بصفة عامة، كذلك تلك الناتجة عن قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. لذا فكان البحث عن مصادر جديدة ومتنوعة مِن البيانات، واستحداث أساليب عصرية لجمع، وتحليل، ودراسة هذه البيانات أمرًا ذُو مَكمَن أساسي فـي تطوير البنية الأساسية لمنظومة الإحصاءات الرسمية على المستوى العالمي.

وفـي صدد مشاركة حضراتكم فـي أبعاد تلك الثورة، سوف أستعرض معكم أحد أهم التطبيقات الجديدة على الإطلاق فـي مجال الإحصاءات الرسمية، والذي تم عرضه فـي المؤتمر العالمي للإحصاء والذي عُقِدَ أخيرًا فـي البرازيل فـي يوليو 2015، إذ تمَّ عرض لتجربة تقوم على إنتاج إحصاءات السياحة عبر تتبع حركة المواطنين مِن خلال أجهزتهم المحمولة. بمعنى أكثر تفصيلا، قامت التجربة على رصد أماكن تواجد مشتركي كافة شبكات الاتصالات خلال أسبوع للتعرُّف على المناطق التي يتواجدون بها داخل الدولة، وفـي خلال العطلة الأسبوعية تم رصد حركة التنقلات الحادثة فـي تلك الأجهزة المحمولة، والتي تعني بالطبع حركة مصاحبة لمالكي تلك الأجهزة. وبتكرار هذه التجربة على مدار فترة زمنية واسعة، تَمَكن فريق البحث مِن تكوين إحصاءات رسمية عن السياحة الداخلية فـي الدولة، يُمكن مِن خلالها التعرُّف على عددٍ مِن خصائص هذا القطاع. فعلى سبيل المثال، تمكنت هذه التجربة مِن الإجابة على مجموعة مِن أهم التساؤلات وهو: أين يذهب المواطن خلال عطلة نهاية الأسبوع؟ وماهي أكثر المناطق جذبًا للسياحة الداخلية؟ وما هي أكثر الطرقات ازدحامًا خلال عطلات نهاية الأسبوع؟

إن هذه المرحلة المتطورة مِن الإحصاءات الرسمية تضمن الكثير مِن المزايا والتي مِن أهمها تقليل العبء المادي على كاهل الأجهزة الإحصائية، والدول بالتبعية، كذلك توفر فـي كثير مِن الأوقات التوافق فـي المعادلة الصعبة دائمًا فـي عمليات دعم القرار بين السرعة فـي جمع وتحليل البيانات وبناء المؤشرات والمعارف مِن جهة، والدقة المطلوبة لضمان مستوى جودة لا يجب أن تقل عنه عمليات دعم القرار مِن جهةٍ أخرى. غير أن الوصول إلى هذه المزايا لن يتأتى إلاَّ عبر تحقيق منظومة مِن التشارك والتعاون بين كافة أجهزة الدولة، وضمان مشاركة فعَّالة مِن المواطن، على أن يُظلل تلك المنظومة مظلة داعمة ومُنَظِمة لتلك العمليات بِما يضمن الخصوصية فـي كافة عمليات جمع البيانات، والاحترافـية، والجودة للعمليات والمعالجات المستخدمة فـي تنفـيذ أعمال المنظومة الإحصائية المتكاملة.

وبالانتقال مِن الصعيد العالمي إلى الوطني، وفـي ضوء ما تمَّ الاطلاع عليه مِن تجارب دولية، قاد الجهاز خلال الأشهر القليلة الماضية عملية واسعة لتقيِّيم الوضع الراهن لمنظومة العمل الإحصائي فـي مصر، بمشاركة واسعة ومُتعددة مِن مُختلف مؤسسات الدولة مِن القطاعين العام والخاص، وفـي صدد استيفاء الخبرات والمعارف مِن عددٍ مِن المنظمات الدولية الرائدة فـي هذا المجال. وذلك صوب بناء الاستراتيجية الوطنية لتطوير النظام الإحصائي المصري، والتي وبدون شك أصبحت ضرورة مُلحة وغير قابلة للتأخير فـي ظل هذه الثورة العالمية فـي مجال الإحصاء والمعلومات.

وأود أن أختتم مشاركتي الأولى فـي دائرة الحوار، بدعوة السادة الباحثين والدارسين والمهتمين بالإحصاءات والمعلومات على كافة الأصعدة ومِن كافة التيارات والتوجهات للمشاركة فـي دائرة الحوار التي يُشرف عليها الجهاز، والتي يطمح مِن خلالها أن يوفر نافذة لعرض نتائج تحليل الإحصاءات الرسمية المصرية، ونقل كُلّ ما هو جديد مِن تجارب دولية فـي كافة المجالات المتعلقة بالإحصاء إلى المُجتمع المصري بِما يُساهم فـي رفع الوعي الإحصائي بصفة خاصة، والمعرفـي بصفة عامة.

مع جزيل الشكر على حسن القراءة.

 

السيد اللواء / أبوبكر الجندي

رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء

 
التعليقات(0)